فلورنسا – ( الثقافيّة ) – عرفان رشيد
أَهو مِنْ قبيل الزهوِ غير المبرّر أن نقول بأنً ثمة ما قد تغيّر إيجاباً في السينما العربية؟
أوَليس من حقّنا ان نتباهى بالمشهد الذي سنراه في أمسية ما بعد غدٍ في صالة الاحتفال بتوزيع جوائز الاوسكار؟
أَوَليس مثار فرحٍ وازدهاء حضور كوثر بن هنيّة وفرح نابلسي بفيلمهما، ”الرجل الذي باع ظهره“ و ”الهدية“، ضمن اقوى المرشّحين لاثنتين، على الأقل، من هذه الجوائز؟
ثمً أوليس من حقّنا ان نفخر بأن من يُمثًل السينما العربية في هذا الاحتفال هما امرأتان شابّتان أكّدتا حضورهما الجميل في خارطة السينما العربية؟
نعم علينا ان نزهوَ ( أنا أزهو بالطبع!) بما سيحدث ليلة الأحد 25 أبريل، حين ستكون أبصارنا ومشاعرنا وعاطفتنا معلّقة باسم امرأتين شابّتين، نترقّب أن نقفز على أرائكنا لنصيح بصوتٍ عالٍ ونصفّق لهما؛
وهل علينا أن نشعر بالإحباط فيما لم تُحقّق هاتين المخرجتين الشابّتين ما نأملُ فيه؟
كلا. بالتأكيد، ليس لنا أن نُحبط، لأن هذه الجائزة، كأيّة مسابقة أخرى، تنتظر فائزاً واحداً فحسب من ضمن مجموعة مرشّحين، وأنّهما، أي الفيلمان، حقّقا (وحقّقت مخرجتاهما) خطوةً هامّة في المشهد الثقافي والفنّي العربي.
وأيّاً كانت النتائج، حقاً، أُضيف، نعم، لنا أن نزهوَ بالتغيّر الايجابي في السينما العربية نوعاً وكمّاً.
نهضة سينمائية فلسطينيّة
وفي هذا المشهد تبدو السينما الفلسطينية وكأنها قد أصبحت قاب قوسين أو أدنى من بلوغ سُدّة الأوسكار، حيث نترقّب، أو نأمل، أن يقطع فيلم “الهدية” من إنجاز المخرجة الفلسطينية فرح نابلسي خيط النهاية وتحمل مخرجته تمثال الاوسكار لأفضل فيلم قصير لهذا العام.
وهذه ليست المرة الأولى التي تتجاور فيها السينما الفلسطينية مع جائزة الأوسكار، فقد سبق وأن ترشح فيلم “الجنة الآن” لهاني أبو أسعد لجائزة الأوسكار لأفضل فيلم روائي غير ناطق بالإنجليزية قبل بضعة أعوام؛ إلّا أنّ حظوظ فرح نابلسي تبدو أكبر في أن يُعلن عن فوزها ليلة الخامس والعشرين من أبريل المقبل.
يتحدّث هذا الفيلم القصير الصغير البسيط المتحدث عن ماساة كبيرة يواجهها الفلسطينيون الذين يعيشون بالذات في قطاع غزة يوميّاً، هو فيلم بلغت رسالته إلى من لا يريد سماعها ومن لا ينوي الانتباه إلى ماساة هذا الشعب الذي يعيش في حصار متواصل ودائم منذ عام 1967.
تتكيء فرح نابلسي على حكاية يومية يواجهها آلاف الفلسطينيين كلّما قرّروا، أو بالأحرى، كلّما أُتيحت لهم فرصة عبور البوّابات الحديديّة الدوّارة التي لا يعني الوصول إليها عبورها بالضرورة، ولا يعني عبورها بلوغ الهدف الذي سافر الفلسطيني من أجله، وتشهد تلك البقعة من الأرض يوميّاً آلاف التجاوزات على حريّة وكرامة المواطن الفلسطيني.
ابطال هذه المعركة طرفان نقيضان، متواجهان، متقابلان و متحاربان دائماً، وهما المواطن الفلسطيني من جهة والاحتلال من جهة أخرى، وفيما يتلبس الاحتلال شكل الجندي المُسلّح الذي يشهر بندقيّته العامرة بالرصاص وقد لا يتواني عن إطلاق النار، أما الطرف الفلسطيني فهو مكوّنٌ من ثلاثي قمته طفلة صغيرة وأساسه والدا هذه الطفلة، مرين كنج هي ابنة صالح بكري ومريم الباشا، وفيما ينطلق صالح بكري من تجربته الأدائية المترسّخة ومن كينونته الأسرية التي نهلت من تجربة أبٍ كبير هو محمّد بكري، وبينما تنهل مريم باشا من كدرسة الكبير كامل الباشا، فإنّ الصغيرة مريم كنج تسمو ليس بجمالها فحسب بل بحضورها البديع الذي يضع أداءها في مصاف أداءات ممثلين محترفين، وتضع هي الفلم، بحضورها، في مستويات عالية، لا نُذهل أنّنا نجده يسعى إلى قطع خيط النهاية في مسابقة الأوسكار.
«
حمراء الدثار» الفلسطينيّة هذه تُحقّق كل ما يحلم به الفلسطينيون اليوم، أي هدم ذلك الجدار العنصري العازل.
تزامنٌ جميل
ولد الفيلم من رغبة شديدة لدى المخرجة الفلسطينية فرح نابلسي، التي لا تعيش في فلسطين، لكنّها أرادت أن تروي هذه المأساة، واختارت المنتج والمخرج السينمائي أسامة بواردي* الذي عمل ويعمل في فلسطين.
ويأتي الفيلم في وقت أن تشهد فيه السينما الفلسطينية نهوضا جديداً وجيدا سواء على صعيد الإنتاج أو على صعيد الإنجاز أو على صعيد التنظي، ففيما تُنظم في العديد من المدن الفلسطينيّة مهرجانات سينمائية، هناك أعمال كثيره تصور في فلسطين الآن، وقد حققت بعض هذه الأفلام حضورا جيدا في الساحة العالمية نشير إلى شريط أمين نايفه ”200 متر“ من بطولة النجم الفلسطيني علي سليمان و ”غزة مونامور“ للثنائي عرب طرزان ناصر ومن بطولة هيام عباس والذي عُرض في مهرجان فينيسيا في العام الماضي وحقّق حضورا في عدد كبير من المهرجانات السينمائية.
ويُدلّل كلّ هذا على طاقة سينمائية جديدة تبدأ من فلسطين بالضبط كما هناك طاقة سينمائية جديدة وهم تبزع من السودان بلدان يمكن أن يشكلّا إضافة هامة في السينما العربية إلى جانب دول معروفه بنشاطها السينمائي.
إضغط على الرابط التالي