عرفته منذ عقدٍ ونصف، ومُذّ التقيته في المرّة الأولى، في بدايات ديسمبر 2004 خلال مهرجان مراكش السينماائي الدولي، شعرتُ بأنّني أعرفه منذ زمانٍ طويل، وأردت أن أتعرّف على عمله، فوجدْتُني أمام «كارل آپِل» العراقي، الذي حوّل «الخربشة» الطفولية إلى اكتضاظ لوني صاخب وفِرحٍ، يُذكّر كثيراً بألوان نهار الجمعة في شارع المتنبّي ببغداد أو بتراقص الأضواء في النهر وبالتماعة النحاس تحت خيوط النور المتسلّلة من من ثقوب سقف القيصريّة التي تُغطّي سوق الصفافير أو شارع البزّازين في بغداد…
لكنّ تلك الأعمال وضعتني أيضاً أمام اكتظاظ الألوان والأجساد في ساحة المسجد الكبير في مراكّش الحمراء، حين تؤذن ساعات الأصيل بانكسارٍ في قيض النهار الحارق وبتليين في الزوايا الحادة للضياء، وخُيّل لي أنّني أستمع إلى أصوات العابرين في تلك الساحة الكبرى وصيحات الباعة أو أنغام موسيقى العازفين المحنّكين أو المبتدئين…
رأسانِ وأربعة أيادٍ… بغداد السبعينات ومرّاكش اليوم يصنعان فعل طه سبع…
كان لقاؤنا الأول يتزامن مع حلمٍ حوّلته الطائفيات إلى كابوس.. كنّا نحلم بأنّنا خرجنا من جحيم صدّام حسين نحو الحرّية، دون أن نُدرك بأنّنا نقترف الخطيئة الكبرى بعدم احتساب عواقب ما يحدث، فصرنا، بدلاً من تحقيق «حلم سمكة» طه سبع في التحرّر من «الأكوارريوم – حوض تربية الأسماك» لبلوغ النهر، والبحر ومن ثمّ المحيط، وجدنا أنفسنا نهرب من الأكواريوم لنُغطسَ في بركة آسنة الماء مسمومة الأوكسجين..