الكويت – ( إيطاليا الثقافيّة ) –

عبد الستار ناجي*

يعيش المسرح في المملكة المغربية اليوم حالة من التفرد والحضور عالي الكعب بفضل جيل هو في حقيقية الأمر امتدادٌ لأجيال من المبدعين الذين ساهموا في وضع اللبنات الأساسية لمسيرة المسرح المغربي .

وتقترن المرحلة الحالية بدعم وإسناد راح يتأكد من قبل الجهات الرسمية وفي مقدمتها وزارة الثقافة المغربية والفرق الرسمية والخاصة التي تمثل الأجنحة التي يحلق بها المسرح المغربي الجديد إلى فضاءات إبداعية أرحب وأبعد وأخصب. ويكفي أن نشير الى أن حصة المسرح المغربي من جوائز الهيئة العربية للمسرح عبر مهرجان المسرح العربي هي الحصة الأكبر بين حصاد الجوائز والتي تحمل اسم الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي .

وتعود بدايات المسرح في المغرب الى عام 1913 حيث تم في ذلك العام بناء مسرح «ثيربانتيس» في مدينة طنجة لتنطلق العروض الزائرة، من الدول الأوروبية أولاً، ولتلحق بها التجارب الأولى المؤسِّسة لمسيرة المسرح في المغرب.

يمكن اعتبار الطيب الصديقي وأحمد الطيب لعلج أهم رائدين في التأسيس لكتابة مسرحية حديثة مغربية مستقلة، حيث اعتمدا على التراث الغزير للأشكال المسرحية والأجناس الموسيقية المغربية كالملحون مثلا.
أسس الطيب الصديقي لجيل ومدرسة مسرحية مغربية بمنظور فني خاص، ومتعارضة، أحياناً، مع المدرسة الكلاسيكية المؤسّساتية. وشهد المسرح في المغرب لاحقاً تجارب متعددة شارك فيها عدد متميز من صناع المسرح ومنهم د . عبد الكريم برشيد وأيضا عبد الحق الزروالي وغيرهم ..

يزدان المسرح في المغرب اليوم بعدد متميز من الأسماء التي تجاوزت الفضاء المغربي الى العالم العربي وإلى العديد من الدول الأوروبية عبر كم من المهرجانات والملتقيات ولعل من أبرزها مهرجان «آڤنيون».
على خارطة الأسماء الجديدة والإضافية نشير إلى عدد من المبدعين من الجنسين ومنهم المخرجة أسماء هوري والتي طورت حضورها بمسرحية «خريف» التي حصدت جائزة القاسمي لأفضل عرض مسرحي في الدورة التاسعة التي استضافتها الجزائر. وهناك أيضا المخرج الأمين نصّور والمخرج محمد الحر وعبد الجبار خمران وعدد من المبدعات والمبدعين في مجال التمثيل، نشير من بينهم الى جميلة الهوني وهاجر حمدي وأمال بن حدو وسعيد الهراسي، وقائمة طويلة من الأسماء التي تمثل أبرز مخرجات المعاهد الفنية المتخصصة حيث مثلت تلك المعاهد حاضنات أساسية لرفد مسيرة المسرح في المملكة المغربية.

ويقود المسرح في المغرب اليوم جيل من الشباب المغربي الموهوب والمتميز والذي يؤمن بدور ومسيرة وبصمات جيل الرواد. جيلٌ يجتهد لليرتقي إلى مستوى الثقة والتبعيات الكبرى المُناطة به لتكملة المسيرة وحمل المسرح في المغرب الى فضاءات العالم وإلى مهرجاناته. واليوم حينما يكون هناك عرض مسرحي مغربي فإنّنا، حتماً، سنكون أمام موعد استثنائي لعرض استثنائي يحمل بصمة ابداعية لجيل الشباب في المسرح المغربي الجديد .

واليوم أيضا، وعلى خارطة النسبة الأكبر من المهرجانات المسرحية العربية، ومنها «مهرجان المسرح العربي» الذي تنظمة «الهيئة العربية للمسرح» أو «مهرجان القاهرة  للمسرح التجريبي» أو «أيام قرطاج المسرحية» أو مهرجانات الأردن أو غيرها من المهرجانات الدولية مثل «آڤنيون» و«أادنبره»، فإن للمسرح المغربي أو المبدع المغربي حضوره ودوره وبصمته. وهو حضور يتجلى عبر الدعم والحوافز التي تقدمها الحكومة وفي مقدمتها وزارة الثقافة أو الجهات المتخصصة بتخصيص دعم وإسناد مادي ومعنوي للعروض والمشاركات المسرحية والثقافية المغربية حول العالم ، نا أسهم في خلق حالة من الحراك التي حقّق بها المسرح في المغرب حضوره وتفرده .

 

المسرح في المغرب اليوم يتجاوز كل الأنماط السائدة الى فضاءات من البحث والتحليل العميق الانسان هو الحاضر الأساسي والذي يشكل نبضها ونهجها عبر اشتغالات احترافية تليق باسم المسرح المغربي وأجياله الجديدة التي راحت تنتشر اليوم في أنحاء العالم العربي للاستفادة من تجاربها وخبراتها العربية .

* Kiosque24